فصل: فصل: الاختلاف في إن أفطر لسفر مبيح للفطر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏فإن أفطر فيها من عذر بني وإن أفطر من غير عذر ابتدأ‏]‏

أجمع أهل العلم على وجوب التتابع في الصيام في كفارة الظهار‏,‏ وأجمعوا على أن من صام بعض الشهر ثم قطعه لغير عذر وأفطر‏,‏ أن عليه استئناف الشهرين وإنما كان كذلك لورود لفظ الكتاب والسنة به ومعني التتابع الموالاة بين صيام أيامها فلا يفطر فيهما‏,‏ ولا يصوم عن غير الكفارة ولا يفتقر التتابع إلى نية ويكفي فعله لأنه شرط وشرائط العبادات لا تحتاج إلى نية‏,‏ وإنما تجب النية لأفعالها وهذا أحد الوجوه لأصحاب الشافعي والوجه الآخر أنها واجبة لكل ليلة لأن ضم العبادة إلى العبادة إذا كان شرطا‏,‏ وجبت النية فيه كالجمع بين الصلاتين والثالث يكفى نية التتابع في الليلة الأولى ولنا‏,‏ أنه تتابع واجب في العبادة فلم يفتقر إلى نية كالمتابعة بين الركعات ويفارق الجمع بين الصلاتين‏,‏ فإن ذلك رخصة فافتقر إلى نية الترخص وما ذكروه ينتقض بالمتابعة بين الركعات وأجمع أهل العلم على أن الصائمة متتابعا إذا حاضت قبل إتمامه‏,‏ تقضي إذا طهرت وتبني وذلك لأن الحيض لا يمكن التحرز منه في الشهرين إلا بتأخيره إلى الإياس وفيه تغرير بالصوم لأنها ربما ماتت قبله والنفاس كالحيض‏,‏ في أنه لا يقطع التتابع في أحد الوجهين لأنه بمنزلته في أحكامه ولأن الفطر لا يحصل فيهما بفعلهما وإنما ذلك الزمان كزمان الليل في حقهما والوجه الثاني‏,‏ أن النفاس يقطع التتابع لأنه فطر أمكن التحرز منه لا يتكرر كل عام فقطع التتابع كالفطر لغير عذر ولا يصح قياسه على الحيض لأنه أندر منه‏,‏ ويمكن التحرز عنه وإن أفطر لمرض مخوف لم ينقطع التتابع أيضا روي ذلك عن ابن عباس وبه قال ابن المسيب والحسن‏,‏ وعطاء والشعبي وطاوس‏,‏ ومجاهد ومالك وإسحاق‏,‏ وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر‏,‏ والشافعي في القديم وقال في الجديد‏:‏ ينقطع التتابع وهذا قول سعيد بن جبير والنخعي والحكم‏,‏ والثوري وأصحاب الرأي لأنه أفطر بفعله فلزمه الاستئناف‏,‏ كما لو أفطر لسفر ولنا أنه أفطر لسبب لا صنع له فيه فلم يقطع التتابع‏,‏ كإفطار المرأة للحيض وما ذكروه من الأصل ممنوع وإن كان المرض غير مخوف لكنه يبيح الفطر فقال أبو الخطاب‏:‏ فيه وجهان أحدهما‏,‏ لا يقطع التتابع لأنه مرض أباح الفطر أشبه المخوف والثاني يقطع التتابع لأنه أفطر اختيارا‏,‏ فانقطع التتابع كما لو أفطر لغير عذر فأما الحامل والمرضع فإن أفطرتا خوفا على أنفسهما‏,‏ فهما كالمريض وإن أفطرتا خوفا على ولديهما ففيهما وجهان أحدهما لا ينقطع التتابع اختاره أبو الخطاب لأنه فطر أبيح لهما بسبب لا يتعلق باختيارهما‏,‏ فلم ينقطع التتابع كما لو أفطرتا خوفا على أنفسهما والثاني ينقطع لأن الخوف على غيرهما‏,‏ ولذلك يلزمهما الفدية مع القضاء وإن أفطر لجنون أو إغماء لم ينقطع التتابع لأنه عذر لا صنع له فيه‏,‏ فهو كالحيض‏.‏

فصل‏:‏

وإن أفطر لسفر مبيح للفطر فكلام أحمد يحتمل الأمرين وأظهرهما أنه لا يقطع التتابع فإنه قال في رواية الأثرم‏:‏ كان السفر غير المرض‏,‏ وما ينبغي أن يكون أوكد من رمضان فظاهر هذا أنه لا يقطع التتابع وهذا قول الحسن ويحتمل أن ينقطع به التتابع وهو قول مالك وأصحاب الرأي واختلف أصحاب الشافعي فمنهم من قال‏:‏ فيه قولان كالمرض ومنهم من يقول‏:‏ ينقطع التتابع وجها واحدا لأن السفر يحصل باختياره‏,‏ فقطع التتابع كما لو أفطر لغير عذر ووجه الأول أنه فطر لعذر مبيح للفطر‏,‏ فلم ينقطع به التتابع كإفطار المرأة بالحيض وفارق الفطر لغير عذر‏,‏ فإنه لا يباح وإن أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت‏,‏ ولم تغب أفطر ويتخرج في انقطاع التتابع وجهان‏:‏ أحدهما لا ينقطع لأنه فطر لعذر والثاني - يقطع التتابع لأنه بفعل أخطأ فيه‏,‏ فأشبه ما لو ظن أنه قد أتم الشهرين فبان خلافه وإن أفطر ناسيا لوجوب التتابع أو جاهلا به أو ظنا منه أنه قد أتم الشهرين انقطع التتابع لأنه أفطر لجهله‏,‏ فقطع التتابع كما لو ظن أن الواجب شهر واحد وإن أكره على الأكل أو الشرب بأن أوجر الطعام أو الشراب‏,‏ لم يفطر وإن أكل خوفا فقال القاضي‏:‏ لا يفطر ولم يذكر غير ذلك وفيه وجه آخر أنه يفطر فعلى ذلك هل يقطع التتابع‏؟‏ فيه وجهان أحدهما‏,‏ لا يقطعه لأنه عذر مبيح للفطر فأشبه المرض والثاني‏:‏ ينقطع التتابع وهو مذهب الشافعي لأنه أفطر بفعله لعذر نادر‏.‏

فصل‏:‏

وإن أفطر في أثناء الشهرين لغير عذر أو قطع التتابع بصوم نذر‏,‏ أو قضاء أو تطوع أو كفارة أخرى‏,‏ لزمه استئناف الشهرين لأنه أخل بالتتابع المشروط ويقع صومه عما نواه لأن هذا الزمان ليس بمستحق متعين للكفارة‏,‏ ولهذا يجوز صومها في غيره بخلاف شهر رمضان فإنه متعين لا يصلح لغيره وإذا كان عليه صوم نذر غير معين‏,‏ أخره إلى فراغه من الكفارة وإن كان متعينا في وقت بعينه أخر الكفارة عنه أو قدمها عليه إن أمكن وإن كان أياما من كل شهر‏,‏ كيوم الخميس أو أيام البيض قدم الكفارة عليه‏,‏ وقضاه بعدها لأنه لو وفي بنذره لانقطع التتابع ولزمه الاستئناف فيفضي إلى أن لا يتمكن من التكفير‏,‏ والنذر يمكن قضاؤه فيكون هذا عذرا في تأخيره كالمرض‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإن أصابها في ليالي الصوم أفسد ما مضى من صيامه‏,‏ وابتدأ الشهرين‏]‏

وبهذا قال مالك والثوري وأبو عبيد‏,‏ وأصحاب الرأي لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا‏}‏ فأمر بهما خاليين عن وطء ولم يأت بهما على ما أمر فلم يجزئه‏,‏ كما لو وطئ نهارا ولأنه تحريم للوطء لا يختص النهار فاستوى فيه الليل والنهار كالاعتكاف وروى الأثرم عن أحمد‏,‏ أن التتابع لا ينقطع بهذا ويبنى وهو مذهب الشافعي وأبي ثور‏,‏ وابن المنذر لأنه وطء لا يبطل الصوم فلا يوجب الاستئناف كوطء غيرها‏,‏ ولأن التتابع في الصيام عبارة عن إتباع صوم يوم للذي قبله من غير فارق وهذا متحقق‏,‏ وإن وطئ ليلا وارتكاب النهي في الوطء قبل إتمامه إذا لم يخل بالتتابع المشترط لا يمنع صحته وإجزاءه‏,‏ كما لو وطئ قبل الشهرين أو وطئ ليلة أول الشهرين وأصبح صائما والإتيان بالصيام قبل التماس في حق هذا لا سبيل إليه‏,‏ سواء بنى أو استأنف وإن وطئها أو وطئ غيرها‏,‏ في نهار الشهرين عامدا أفطر وانقطع التتابع إجماعا‏,‏ إذا كان غير معذور وإن وطئها أو وطئ غيرها نهارا ناسيا أفطر‏,‏ وانقطع التتابع في إحدى الروايتين لأن الوطء لا يعذر فيه بالنسيان وعن أحمد رواية أخرى‏,‏ أنه لا يفطر ولا ينقطع التتابع وهو قول الشافعي وأبي ثور‏,‏ وابن المنذر لأنه فعل المفطر ناسيا أشبه ما لو أكل ناسيا وإن أبيح له الفطر لعذر فوطئ غيرها نهارا لم ينقطع التتابع لأن الوطء لا أثر له في قطع التتابع وإن وطئها‏,‏ كان كوطئها ليلا هل ينقطع التتابع‏؟‏ على وجهين وإن وطئ غيرها ليلا لم ينقطع التتابع لأن ذلك ليس بمحرم عليه‏,‏ ولا هو مخل بإتباع الصوم الصوم فلم ينقطع التتابع كالأكل ليلا وليس في هذا اختلاف نعلمه وإن لمس المظاهر منها‏,‏ أو باشرها دون الفرج على وجه يفطر به قطع التتابع لإخلاله بموالاة الصيام وإلا فلا ينقطع والله أعلم‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏{‏فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا‏}‏ أجمع أهل العلم على أن المظاهر إذا لم يجد الرقبة ولم يستطع الصيام أن فرضه إطعام ستين مسكينا‏,‏ على ما أمر الله تعالى في كتابه وجاء في سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- سواء عجز عن الصيام لكبر أو مرض يخاف بالصوم تباطؤه أو الزيادة فيه‏,‏ أو الشبق فلا يصبر فيه عن الجماع ‏(‏فإن أوس بن الصامت لما أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالصيام قالت امرأته‏:‏ يا رسول الله‏,‏ إنه شيخ كبير ما به من صيام قال‏:‏ فليطعم ستين مسكينا‏)‏ ‏(‏ولما أمر سلمة بن صخر بالصيام قال‏:‏ وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام قال‏:‏ فأطعم‏)‏ فنقله إلى الإطعام لما أخبر أن به من الشبق والشهوة ما يمنعه من الصيام وقسنا على هذين ما يشبههما في معناهما ويجوز أن ينتقل إلى الإطعام إذا عجز عن الصيام للمرض‏,‏ وإن كان مرجو الزوال لدخوله في قوله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا‏}‏ ولأنه لا يعلم أن له نهاية فأشبه الشبق ولا يجوز أن ينتقل لأجل السفر لأن السفر لا يعجزه عن الصيام وله نهاية ينتهي إليها‏,‏ وهو من أفعاله الاختيارية والواجب في الإطعام إطعام ستين مسكينا لا يجزئه أقل من ذلك وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ لو أطعم مسكينا واحدا في ستين يوما أجزأه وحكاه القاضي أبو الحسين رواية عن أحمد لأن هذا المسكين لم يستوف قوت يومه من هذه الكفارة‏,‏ فجاز أن يعطي منها كاليوم الأول ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فإطعام ستين مسكينا‏}‏ وهذا لم يطعم إلا واحدا فلم يمتثل الأمر‏,‏ ولأنه لم يطعم ستين مسكينا فلم يجزئه كما لو دفعها إليه في يوم واحد‏,‏ ولأنه لو جاز الدفع إليه في أيام لجاز في يوم واحد كالزكاة وصدقة الفطر‏,‏ يحقق هذا أن الله أمر بعدد المساكين لا بعدد الأيام وقائل هذا يعتبر عدد الأيام دون عدد المساكين‏,‏ والمعني في اليوم الأول أنه لم يستوف حقه من هذه الكفارة وفي اليوم الثاني قد استوفى حقه منها وأخذ منها قوت يوم‏,‏ فلم يجز أن يدفع إليه في اليوم الثاني كما لو أوصى إنسان بشيء لستين مسكينا‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏لكل مسكين مد من بر أو نصف صاع من تمر أو شعير‏]‏

وجملة الأمر أن قدر الطعام في الكفارات كلها مد من بر لكل مسكين‏,‏ أو نصف صاع من تمر أو شعير وممن قال‏:‏ مد بر زيد بن ثابت وابن عباس وابن عمر حكاه عنهم الإمام أحمد‏,‏ ورواه عنهم الأثرم وعن عطاء وسليمان بن موسى وقال سليمان بن يسار‏:‏ أدركت الناس إذا أعطوا في كفارة اليمين مدا من حنطة بالمد الأصغر‏,‏ مد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال أبو هريرة‏:‏ يطعم مدا من أي الأنواع كان وبهذا قال عطاء والأوزاعي والشافعي لما روى أبو داود‏,‏ بإسناده عن عطاء عن ‏(‏أوس ابن أخي عبادة بن الصامت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه يعني المظاهر خمسة عشر صاعا من شعير‏,‏ إطعام ستين مسكينا‏)‏ وروى الأثرم بإسناده عن أبي هريرة في حديث المجامع في رمضان ‏(‏أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى بعرق فيه خمسة عشر صاعا فقال‏:‏ خذه وتصدق به‏)‏ وإذا ثبت في المجامع بالخبر‏,‏ ثبت في المظاهر بالقياس عليه ولأنه إطعام واجب فلم يختلف باختلاف أنواع المخرج‏,‏ كالفطرة وفدية الأذى وقال مالك‏:‏ لكل مسكين مدان من جميع الأنواع وممن قال‏:‏ مدان من قمح مجاهد وعكرمة والشعبي‏,‏ والنخعي لأنها كفارة تشتمل على صيام وإطعام فكان لكل مسكين نصف صاع كفدية الأذى وقال الثوري وأصحاب الرأي‏:‏ من القمح مدان‏,‏ ومن التمر والشعير صاع لكل مسكين ‏(‏لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث سلمة بن صخر‏:‏ فأطعم وسقا من تمر‏)‏ رواه الإمام أحمد في المسند‏,‏ وأبو داود وغيرهما وروى الخلال بإسناده عن يوسف بن عبد الله بن سلام‏,‏ عن ‏(‏خويلة‏:‏ فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر‏)‏ وفي رواية أبي داود‏:‏ والعرق ستون صاعا وروى ابن ماجه بإسناده عن ابن عباس قال‏:‏ ‏(‏كفر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصاع من تمر‏,‏ وأمر الناس‏:‏ فمن لم يجد فنصف صاع من بر‏)‏ وروى الأثرم بإسناده عن عمر رضي الله عنه قال‏:‏ أطعم عني صاعا من تمر أو شعير أو نصف صاع من بر ولأنه إطعام للمساكين‏,‏ فكان صاعا من التمر والشعير أو نصف صاع من بر كصدقة الفطر ولنا ما روى الإمام أحمد‏,‏ ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي يزيد المدني قال‏:‏ ‏(‏جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير‏,‏ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للمظاهر‏:‏ أطعم هذا فإن مدى شعير مكان مد بر‏)‏ وهذا نص ويدل على أنه مد بر أنه قول زيد وابن عباس‏,‏ وابن عمر وأبي هريرة ولم نعرف لهم في الصحابة مخالفا‏,‏ فكان إجماعا وعلى أنه نصف صاع من التمر أو الشعير ما روى عطاء بن يسار ‏(‏أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لخويلة امرأة أوس بن الصامت اذهبي إلى فلان الأنصاري‏,‏ فإن عنده شطر وسق من تمر أخبرني أنه يريد أن يتصدق به فلتأخذيه‏,‏ فليتصدق به على ستين مسكينا‏)‏ وفي حديث أوس بن الصامت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏إني سأعينه بعرق من تمر قلت‏:‏ يا رسول الله فإني سأعينه بعرق آخر قال‏:‏ قد أحسنت اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينا‏,‏ وارجعي إلى ابن عمك‏)‏ وروى أبو داود بإسناده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال‏:‏ العرق زنبيل يأخذ خمسة عشر صاعا فعرقان يكونان ثلاثين صاعا‏,‏ لكل مسكين نصف صاع ولأنها كفارة تشتمل على صيام وإطعام فكان لكل مسكين نصف صاع من التمر والشعير‏,‏ كفدية الأذى فأما رواية أبي داود أن ‏"‏ العرق ستون صاعا ‏"‏ فقد ضعفها وقال‏:‏ غيرها أصح منها وفي الحديث ما يدل على الضعف لأن ذلك في سياق قوله‏:‏ ‏(‏إني سأعينه بعرق‏)‏ فقالت امرأته‏:‏ إني سأعينه بعرق آخر قال‏:‏ ‏(‏فأطعمي بها عنه ستين مسكينا‏)‏ فلو كان العرق ستين صاعا لكانت الكفارة مائة وعشرين صاعا ولا قائل به وأما حديث المجامع الذي أعطاه خمسة عشر صاعا‏,‏ فقال‏:‏ ‏(‏تصدق به‏)‏ فيحتمل أنه اقتصر عليه إذ لم يجد سواه ولذلك لما أخبره بحاجته إليه أمره بأكله وفي الحديث المتفق عليه‏:‏ ‏(‏قريب من عشرين صاعا‏)‏ وليس ذلك مذهبا لأحمد فيدل على أنه اقتصر على البعض الذي لم يجد سواه وحديث أوس بن أخي عبادة مرسل‏,‏ يرويه عنه عطاء ولم يدركه على أنه حجة لنا لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه عرقا وأعانته امرأته بآخر‏,‏ فصارا جميعا ثلاثين صاعا وسائر الأخبار نجمع بينها وبين أخبارنا بحملها على الجواز وأخبارنا على الإجزاء وقد عضد هذا أن ابن عباس راوي بعضها‏,‏ ومذهبه أن المد من البر يجزئ وكذلك أبو هريرة وسائر ما ذكرنا من الأخبار‏,‏ مع الإجماع الذي نقله سليمان بن يسار والله أعلم‏.‏